words' theme=''/>

ندعو إلى التمسك بالمنهج الصحيح المتكامل لفهم الإسلام الصحيح والعمل به، والدعوة إلى الله تعالى على بصيرة، لنعود بك إلى الصدر الأول على ما كان عليه النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأصحابه رضي الله عنهم ومن سار على نهجهم من القرون الفاضلة إلى يوم الدين ...أبو سامي العبدان

الجمعة، 13 مارس 2020

(24) قالوا: إن طالبان ومن معهم ظالمون وما تفعله الحكومات من باب رفع الظلم




ومن الشبه التي أثيرت قول بعضهم: إن تنظيم القاعدة - المتهم بأحداث أمريكا - وطالبان ظالمون بما فعلوه في (بلاد الكفار)، لذا فهذا الفعل من باب رفع الظلم!
والجواب من وجوه:
الوجه الأول: أن هذا الكلام لا يثبت في شرعنا، ولا في قانونهم، أما شرعنا:
فيرده قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ} [الحجرات: 6]، وهذا الاتهام ليس موجهًا من (فاسق) بل من (كافر)، فيجب التبين والتثبت في هذه المسألة قبل إصدار الأحكام.
وأما قانونهم - طاغوت أمريكا -:
فقاعدتهم تقول: إن المتهم بريء حتى تثبت إدانته، وهؤلاء الكفار لم يقدموا دليلاً واحدًا يثبت ما اتهموا به المسلمين كما هو معروف لدى الجميع.
الوجه الثاني: ولو فرضنا صدق كلام هؤلاء الكفار بضلوع هؤلاء المسلمين بهذا العمل، فلا يلزم من كونه عملاً إجراميًا عند الكفرة أن يكون كذلك عند المسلمين، فالمسلمون يتحاكمون للكتاب والسنة لا إلى طواغيت الكفار، وإلا فإن هؤلاء يجعلون الجهاد إرهابًا، وإقامة الحدود انتهاكًا لحقوق الإنسان، وحجاب النساء كبتًا للمرأة، ومنع الزنا وشرب الخمر تدخلاً في الحريات الشخصية، وهكذا في كثير من شرائع الإسلام.
فالواجب رد هذا العمل والنظر فيه من خلال الكتاب والسنة وأقوال أهل العلم المعروفين، ولا يرد إلى الطواغيت المسماة بـ (القوانين والأعراف الدولية).
الوجه الثالث: أننا لو فرضنا أن هؤلاء المسلمين هم الذين نفذوا هذه العمليات، وأنه عندنا خرق للعهود والمواثيق، فإنه لا يلزم من كونه هكذا عندنا أن يكون عند المتهمين في العملية كذلك، فإنهم قد نبذوا إلى أمريكا العهود، بل وسبق لأمريكا أن ضربتهم بصواريخ (كروز)، وبينهم العداء ظاهر، ولا مواثيق بينهم، (وفي قصة أبي بصير وأبي جندل ومن معهم من المسلمين حين لحقوا بسيف البحر، وصاروا يقتلون من رأوه من كفار قريش ويستولون على أموالهم، ولم يستنكر الرسول صلى الله عليه وسلم هذا العمل منهم، ولم يندد ولم يشجب) مع أن الرسول صلى الله عليه وسلم عاهدهم، لأن عهده لم يلزمهم.
الوجه الرابع: أننا لو فرضنا أن هؤلاء المسلمين هم الذين نفذوا هذه العمليات، وفرضنا أن عملهم هذا أيضًا يذمه الشرع ولا يقره، وأنهم في شرعنا (مجرمون) و (ظالمون)، وأنهم بينهم وبين أولئك عهود ومواثيق انتهكوها، فالواجب في مثل هذا الحالة أن يحاكموا بالشريعة الإسلامية، لا وفق طواغيت الكفار!
الوجه الخامس: أننا لو فرضنا أن طالبان ومن معهم ظالمون، فظلم أمريكا أعظم، وأكبر، وأشمل، وأوسع، وأخبث، وأقدم، وقتلاهم من المسلمين بالملايين، فهم الذين قتلوا المسلمين في العراق، وفلسطين، ولبنان، والصومال، والسودان، وغيرها، وهم الذين أعانوا على قتل المسلمين في جزر الملوك، وتيمور، والبوسنة، والشيشان، وكشمير، والفلبين، وغيرها، وهم الذين أثاروا الحروب بين المسلمين، وغير هذا من جرائمهم وقد تقدم بعضها، قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في "منهاج أهل السنة" 1/ 484:
"وهذا حال أهل الكتاب مع المسلمين، فما يوجد في المسلمين شر إلا وفي أهل الكتاب أكثر منه، ولا يوجد في أهل الكتاب خير إلا وفي المسلمين أعظم منه، ولهذا يذكر سبحانه مناظرة الكفار من المشركين وأهل الكتاب بالعدل، فإن ذكروا عيبًا في المسلمين لم يبرئهم منه، لكن يبين أن عيوب الكفار أعظم، كما قال تعالى: {يَسْأَلونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَصَدٌّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِنْدَ اللَّهِ وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ} [سورة البقرة: 217]، وهذه الآية نزلت لأن سرية من المسلمين ذكر أنهم قتلوا ابن الحضرمي في آخر يوم من رجب فعابهم المشركون بذلك، فأنزل الله هذه الآية".
الوجه السادس: أن المسلم حتى لو كان ظالِمًا فإن حق ولايته باقٍ بما معه من الإسلام، ولا يجوز إعانة الكافر عليه، قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله كما في "مجموع الفتاوى" 28/ 208 - 209:
"والمؤمن عليه أن يعادي في الله ويوالي في الله، فإن كان هناك مؤمن فعليه أن يواليه وإن ظلمه، فإن الظلم لا يقطع الموالاة الإيمانية، قال تعالى: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ . إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ} [الحجرات: 9، 10]، فجعلهم إخوة مع وجود القتال والبغي وأمر بالإصلاح بينهم".

٭ ٭ ٭






ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

حقوق النشر لكل مسلم يريد نشر الخير إتفاقية الإستخدام | Privacy-Policy| سياسة الخصوصية

أبو سامي العبدان حسن التمام