words' theme=''/>

ندعو إلى التمسك بالمنهج الصحيح المتكامل لفهم الإسلام الصحيح والعمل به، والدعوة إلى الله تعالى على بصيرة، لنعود بك إلى الصدر الأول على ما كان عليه النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأصحابه رضي الله عنهم ومن سار على نهجهم من القرون الفاضلة إلى يوم الدين ...أبو سامي العبدان

الجمعة، 13 مارس 2020

(16) شبهة بل (كذبة) أن الحجّاج كان مشرّعا ولم يكفّره السلف




مصيبة القوم أنهم أعرضوا عن التعرف على واقعهم الذي يعيشون فيه وأعرضوا عن دراسته - بل يعدّون ذلك من مضيعة الوقت - فعموا وصموا وضلوا وأضلوا بتنزيلهم أحكاما في غير مناطها ومقالات لا تمت إلى الواقع والمقام بصلة، حتى لترانا نضطر إلى الخوض في مثل هذه المسلّمات والإطالة فيما لا يستحق الإطالة وما ذلك إلا لما نجده ونسمعه من سفاهة عقول القوم وإيراداتهم، حتى إنه بلغني قبل أيام من تبييض هذه الورقات عن أحدهم - وهو ممن يتصدر المجالس للجدال عن الطواغيت والترقيع لكفرياتهم، ويجمع حوله فيها لفيفا من الشباب الأغرار ليلبس عليهم دينهم وتوحيدهم ويخذلهم عن الكفر بطواغيت الزمان والبراءة منهم - أنه قال ردا على من احتج على تكفيرهم بتشريعاتهم الكفرية: "أن الحجاج بن يوسف بعث برسالة إلى أحد قادته "أن اقتل فلاناً - المسلم -" فهذا تشريع!!! ومع هذا لم يكفره أحد من السلف!!" [[1]].
والحق يقال: إنني لأستحيي من تسويد الأوراق في الرد على مثل هذه الترهات، ولكن من عرف واقعنا هذا، وما بلغ الناس فيه من الجهل في أصول التوحيد ومقدار غربة الدين عذرنا فيه، ولا أقول إلا كما قال ابن حزم في "الفصل" 4/ 161 - وهو يناقش مقالات بعض أسلاف هؤلاء -:
"فهذه أقوال لو قالها صبيان يسيل مخاطهم لأيس من فلاحهم، وتالله لقد لعب الشيطان بهم كما شاء، فإنا لله وإنا إليه راجعون".
ثم أقول لذلك الأعمى ومن قلّده: أما قولك عن الحجّاج: (لم يكفره أحد من السلف) فمردود عليك، وإن كان هذا ينطلي على أغرار الشباب الذين تجمعهم لتلبس عليهم دينهم، فإنه لا يخفي على من عرف أقوال السلف في ذلك، وإليك مثالاً واحدا فقط يكفي لخرق إطلاقك هذا الذي ادعيته، وهو ما رواه أبو بكر ابن أبي شيبة في "كتاب الإيمان" (ص 32) بإسناد صحيح عن الشعبي أنه قال: (أشهد أنه مؤمن بالطاغوت، كافر بالله - يعني الحجاج).
وقريب منه قول طاووس في الموضع نفسه بإسناد صحيح أيضا: (عجبا لإخواننا من أهل العراق يسمون الحجاج مؤمنا).
وقد ذكره الحافظ ابن حجر في "تهذيب التهذيب" 2/ 211، وقال:
"وكفّره جماعة منهم سعيد بن جبير والنخعي ومجاهد وعاصم بن أبي النجود والشعبي وغيرهم".
وليس مرادنا استقصاء ذلك أو تبنّيه [[2]]، وإنما إبطال شبهاتك وخرق إطلاقاتك، ثم أقول: أما تلك الرسالة التي نسبتها للحجاج وبنيت عليها شبهاتك الهشة، فما هي إلا أمر كتابي لا يختلف عن الأمر القولي اللفظي الخطابي بالقتل، وكلاهما سيان، والقول فيه ليس بمعضلة، فإن كان ذلك في حق من يستحقه لرده أو لقصاص، فإن فاعله والآمر به كتابة أو تلفظا مأجور - إن وفق لشروط قبول العمل الصالح - وإن كان ممن لا يستحق القتل فهو في حق فاعله والآمر به كتابة أو تلفظا، جريمة وكبيرة من كبائر الذنوب وظلم لا يكفر فاعله إلا بالاستحلال، ولا يقول بكفر فاعل مثل ذلك إلا الخوارج الضلال، بخلاف الذين يسنون للخلق تشريعات في النفوس والدماء والأموال والأعراض والأنساب، ما أنزل الله بها من سلطان يستبدلون بها حدود الله وتشريعاته المرفوعة المطهرة، ويلزمون الخلق إتباعها والخضوع لها، فهؤلاء كما عرفت، كفرة مشركون اعتقدوا أم لم يعتقدوا واستحلوا أم لم يستحلوا، وقد بينا وفصلنا لك ولغيرك فيما تقدم معنى التشريع الكفري فراجعه وتأمله إن رمت الهدى، وذكرنا لك نصوص الطواغيت في دساتيرهم والتي جعلت السلطة التشريعية حقا مطلقا من حقوقهم، وليست حقا لله وحده، تعالى الله عما يقول الظالمون علوا كبيرا، وإن شئت أن تتعرف على أمثلة كثيرة من تشريعاتهم التي يستحلّون بها دم المسلم المعصوم وماله وعرضه بما لم ينزل الله به سلطانا فارجع إلى قوانينهم [[3]] لترى البون الواسع والفرق الشاسع بينهم وبين ذلك الحجاج الغشوم المظلوم، أي: والله فإن مقايستهم عليه لظلم عظيم، كيف والسلف قد اختلفوا في كفره، وما كان لهم أن يختلفوا أبدا في كفر هؤلاء المشركين المشرعين، ولماذا نذهب بالمثال بعيدا، بل أرجعك إلى بعض أعضاء جماعتك التي تدعي السلفية والسلف منها براء، أعني أولئك الذين خانوا الله ورسوله وشاركوا في (مجلس الأمة) التشريعي الشركي يوم أن شرعوا - مع غيرهم من أعضاء البرلمان الوثني - "قوانين الخيانة العظمى" [[4]]، وقدموها للحكومة، للتصويت عليها وإقرارها، وهاك مقتطفات مما نشر منها في الصحف تلك الأيام، قبل أن يُحل ذلك المجلس الكفري وتستطيع الرجوع إليه كاملاً في مضابط المجلس واقتراحاته لسنة 1984:
"قدم النواب، فذكر أسماء منها "جاسم العون" من رؤوس أدعياء السلفية في الكويت وقد صار وزيرا فيما بعد، و "حمود الرومي" محسوب على الإخوان، اقتراحا بمشروع قانون في شأن محاكمة الوزراء فيما يلي نصه:
(نص المشروع): بعد الاطلاع على الدستور وبخاصة المواد 58 و 65 و 79 و 91 و 101 و 109 و 126 و 131 و 132 منه.
وعلى القانون رقم 16 لسنة 1960 بإصدار قانون الجزاء والقوانين المعدلة له.
وعلى القانون رقم 17 لسنة 1960 بإصدار قانون الإجراءات والمحاكمات الجزائية والقوانين المعدلة له.
وعلى القانون رقم 30 لسنة 1964 بإنشاء ديوان المحاسبة المعدل بالمرسوم بقانون رقم 4 لسنة 1977 م.
وعلى المرسوم الأميري رقم 319 لسنة 1959 لقانون تنظيم القضاء والقوانين المعدلة له [[5]].
وافق مجلس الأمة على القانون الآتي نصه وقد صدّقنا عليه وأصدرناه.
(مادة رقم 1) يعمل بأحكام هذا القانون في شأن محاكمة الوزراء ويلغى كل نص يخالف أحكامه!!
(الباب الأول) في مسؤولية الوزراء:
1 - الخيانة العظمى ويدخل فيها عدم الولاء للوطن أو للأمير وكل جريمة تمس استقلال البلاد أو وحدتها أو سلامة أراضيها أو أمنها الداخلي أو الخارجي أو نظام الحكم الأميري للكويت وتوارث الإمارة وكل تعاون مع الأعداء!
2 - المخالفة العمدية لأحكام الدستور الأساسية:
وذكروا في العقوبات:
(مادة 3) يعاقب على الخيانة العظمى بالإعدام أو بالحبس المؤبد أو بالحبس المؤقت الذي تزيد مدته على ثلاث سنوات وبالغرامة التي يجاوز مقدارها خمسة آلاف دينار" اهـ.
أذكر هذا للعبرة وللتاريخ، وليتعرف طلاب الحق على مخازي هذه الطرق والسبل الشركية التي ينتهجها ويسلكها هؤلاء الدعاة على أبواب جهنم، بحجة مصلحة الدعوة فما يلبثون أن ينقلبوا هم أنفسهم إلى طواغيت وأرباب مشرعين يدعون إلى سبيل طاغوتهم الأكبر ومصلحته، ولا يستحيون مع ذلك من الاستمرار في التمسح بالدعوة إلى الله ومصلحتها زورا وبهتانا.
أقول:
إلا من تاب واجتنب عبادة الطاغوت وبرئ منه ثم اهتدى.

٭ ٭ ٭
 ___________________

 [1] - وهذه الطريقة الفاسدة التي يسلكها هؤلاء القوم في الترقيع للطواغيت وأوليائهم تعرفك بمدى تلاعب الشيطان بهم وأنهم ليسوا طلاب حق، إذ الواجب عند أهل الحق أن يكون الاحتكام في جميع الأمور إلى الكتاب والسنة لا إلى انحرافات وأخطاء أو هفوات أو إلى مشتبهات من مقالات العلماء، وإذا كانت أقوال العلماء واجتهاداتهم بل والصحابة غير ملزمة ولا هي بحجة في دين الله تعالى فكيف بأقوال وأفعال من هم دونهم من الناس، وكيف إذا كانت هفوات وأخطاء وليست مجرد أقوال، أفيجوز إيرادها في موضع النزاع فضلاً عن إيرادها للبس الحق بالباطل والنور بالظلام، وللترقيع للمشركين وأوليائهم؟ ولا شك أن هذه من سبل أهل الأهواء قديما وحديثا ورثوها بعضهم بعضا، فالروافض مثلاً يوردون على الأغرار من أهل السنة بعض نصوص الكتاب والسنة التي ظاهرها التعارض والإشكال ليشككوهم بدينهم الحق وليصححوا مذهب الشيعة الفاسد، وربما تتبعوا هفوات أو اجتهادات خاطئة لبعض الصحابة وهم بشر غير معصومين، ليوقعوا الغر في الطعن بهم والبراءة منهم، فربما جاءوك وقالوا لك: ما تقول بمن ينهى عما يأمر به النبي صلى الله عليه وسلم أليس بضال، أليس بكذا؟ ثم يأتونك بأحاديث فيها نهي بعض الصحابة عن متعة الحج ونحوها، وربما قالوا: ما قولك فيمن وصف النبي بأنه (هجر)؟ وربما حرفوها وقالوا (خرّف) فتقول: أعوذ بالله هذا ضلال، ولعلك تقول هذا كفر، فيوردون لك قول عمر رضي الله عنه في النبي صلى الله عليه وسلم وهو على فراش الموت، وهكذا مع أن هذا كله لم يهمله أهل العلم ولا يعسر على طالب الحق الرجوع إليه وفهم ملابساته من مظانه، وعلى هذا المنوال أهل الإرجاء في زماننا فإنهم يتتبعون هفوات بعض أهل العلم وأخطائهم ليصححوا بها مذهبهم الفاسد وليرقعوا للطواغيت أو لأوليائهم فيقولون لك: ما تقول بمن جوز التبرك بالنبي صلى الله عليه وسلم بعد موته؟ وما تقول بمن يغير الفتوى أو يضعف الحديث للسلطان، فلعلك تضلل أو تبدع، فيبادرونك بقولهم: الإمام أحمد قال كذا وابن المديني فعل كذا، فقل لهم: يا ضلاّل ما لمثل هذا يكون التحاكم عند النزاع، أهذه هي طريقة السلف وأهل الحديث التي تتمسحون بها؟ أهذه هي البينات والبراهين والأدلة والحجج التي تحتجون بها؟ أهذه آيات أم أحاديث، حتى يكون الرد إليها عند النزاع؟ ثم قل لهم: هذا كله خطأ وباطل، كائنا من كان قائله، ولا يحيله إلى حق كون القائل به على مرتبة من العلم أو الدين، وهذا أمر بدهي، فكما أننا نقبل الحق وإن جاءنا من أحقر الناس وأجهلهم، فكذلك نرد الباطل وإن جاءنا من أعظمهم وأجلهم، فماذا تريدون يا أعداء أنفسكم بهذه الإيرادات؟ أتريدون تجويزها؟ أم تريدون إطفاء نور الله والترقيع للطواغيت وعبيدهم بتهوين كفرياتهم ومقايستها بتلك الأخطاء والمخالفات، فيا فرحة أعداء الدين بكم وبترقيعاتكم، فشتان بين هذه الإيرادات وبين ما القوم فيه اليوم من كفر صراح، ولو تتبعها طالب الحق في مظانها لعرف بيسر بطلان مقايستها بأحوال الطغاة، فمنها ما هو في الفروع والذرائع لا فيما نحن في صدد الرد عليه من هدم أصل الدين وقاعدته، ومنها ما هو مطعون في نسبته إلى أولئك الأفاضل أو كانوا مكرهين عليه وإذ لم يكونوا مكرهين فهل يجوز معارضة الحق وتمويهه بأقوال الرجال، فضلاً عن معارضته وتمويهه بأخطائهم، وهم غير معصومين ولا بمشرعين حتى تكون أقوالهم وأفعالهم حجة فيما هو دون الذي خصومتنا فيه، وحتى لو صدر الكفر منهم أو من أمثالهم أفيضر هذا الحق شيئًا؟ أم تراه يغيّر من قواعد ديننا وأصوله شيئًا؟ قال تعالى: {ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا} وقال: {وقال موسى إن تكفروا أنتم ومن في الأرض جميعا فإن الله لغني حميد}، وربما أوردوا لك من هذا القبيل نصوصا مبتورة مقطوعة على طريقة أهل الأهواء يذكرون منه ما يوافق أهواءهم، كما فعل أحدهم مع بعض إخواننا فأورد عليهم أكثر من مرة قول أبي حنيفة: "لو أن رجلاً عبد هذه النعل يتقرب بها إلى الله لم أر بذلك بأسا"، يذكر هكذا مبتورا، ولا أدري ما يقصد من وراء هذا الإيراد بهذا القدر؟ أهو تجويز الشرك والكفر وعبادة غير الله؟ أم الصدّ عن تكفير الطواغيت وأنصارهم وعبيدهم بإلزامنا تكفير أبي حنيفة وتخويفنا بمخالفة السواد من العوام والطغام في ذلك؟ فهذا دين الله لا يداهن أحدا، ومن ثبت كفره بالدليل كفرناه إن انتفت في حقه الموانع، فالدليل لا يجامل أبا حنيفة ولا غيره، والقول في أبي حنيفة لأئمة زمانه الذين عاصروه، وقد ثبت بأسانيد صحاح في (تاريخ بغداد) و (المجروحين)
 لابن حبان و (المعرفة والتاريخ) للفسوي عن سفيان الثوري، وغيره أن أبا حنيفة استتيب من الكفر مرتين.
وسواء أكفر أبو حنيفة، أو غيره أم لم يكفر فهذا لا يضر الحق ولا يغير منه شيئًا، والذي نقوله هنا أن تلك المقولة التي أوردها هذا المرجئ كفر سواء أصدرت عن أبي حنيفة
أم غيره (*) وقد رواها الفسوي في (المعرفة والتاريخ) 3/ 784، والخطيب 2/ 375 - 377، وابن حبان في (المجروحين) 3/ 73، وفيها زيادة كتمها هذا المرجئ لأنها تفسد عليه شبهته وإلزامه، وهي قول سعيد بن عبد العزيز في آخر الرواية: (هذا الكفر صراحا) فتنبه لتلبيساتهم ولا تغتر بشبههم فإنما يتبع مثل هذا ويستدل به من أفلس من الأدلة والحجج الشرعية، فصار إلى أمثال هذه الترقيعات والتلبيسات يدرأ بها في نحر النصوص الواضحة الصريحة، وليس بمستعجب ولا بمستنكر أن يشتبه الحق بالباطل على أعمى البصيرة، كما يشتبه الليل بالنهار على أعمى البصر، يا ويلهم أفلا يتوبون؟ والله إن لم يتوبوا عن هذا فسيعلمون غدا بتلبيساتهم وشبهاتهم هذه عمن يدفعون ولأي شيء يرقعون؟ وفي أي صف يقفون؟ ومن يحاربون؟ وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون.
(*) تنبيه:
اعلم أن بعض صغار العقول من مرجئة العصر قد استغلوا هذا الموضع فافتروا علينا وادعوا أننا نتبنى تكفير أبي حنيفة النعمان، وهذا كما يرى البصير المتأمل لكلامنا محض كذب وافتراء، ناتج إما عن غل وحسد وسوء إرادة، أو عن جهل وسطحية وعدم معرفة بكلام العلماء ومعاني الألفاظ، فإن المتأمل لكلامنا يعلم أن الذي ذكرناه هنا إنما هو اعتراض بعض أفراخ المرجئة على تكفيرنا للطواغيت بالمقالة المذكورة عن أبي حنيفة، يريدون بذلك تخويفنا من التكفير مطلقا وصدنا عن تكفير الطواغيت، أو إلزامنا بتكفير أبي حنيفة، فكان ملخص ردنا كما ترى أن بيّنّا أن هذا ليس من طريقة أهل الحق في الاستدلال، وأن ما أرادوا إلزامنا به لا يلزمنا، وإن كانت "تلك المقولة كفر سواء أصدرت عن أبي حنيفة أم غيره"، وكل من له معرفة بكلام العلماء يعرف معنى هذه العبارة وأنها لا تعني بحال تكفير أبي حنيفة، إذ معلوم عند صغار الطلبة الفرق بين الحكم على المقالة، وبين الحكم على قائلها، فالحكم على المقالة بأنها كفر، هيّن لا يحتاج إلى النظر في موانع التكفير، بخلاف الحكم على قائلها، فلا بد فيه من ذلك، والإنسان قد يتلفظ بكلمة الكفر ولا يكفر مع ذلك، لقيام مانع من موانع التكفير في حقه.
ونحن إنما تبرّأنا من المقالة، وحكمنا عليها، كائنا من كان قائلها، تماما كما هو قول سعيد فيها "هذا الكفر صراحا" ولم نتبنّ لا نحن ولا سعيد في ظاهر مقالته تكفير أبي حنيفة
بحال، ولكنها العداوة والخصومة والغل الذي يدعو إلى الافتراء ويعمي عن الصدق، ويصدّ عن الإنصاف، إذ كل من يعرفنا أو يقرأ لنا، يعلم أننا آلينا على أنفسنا أن لا نشتغل
 بتكفير أحد من المنتسبين إلى العلم في زماننا رغم مخالفتهم لدعوتنا بل وطعن كثير منهم بنا، وافترائهم علينا، ولا يشغلنا شيء من ذلك أو يحرفنا عمّا ندندن حوله دوما ونركز عليه من تكفير الطواغيت أو أنصارهم.
فكيف يعقل بعد هذا أن ننشغل بتكفير أمثال أبي حنيفة، ممن أفضوا إلى ما قدموا، ولا فائدة ترجى من وراء ذلك أصلاً، فنحن لا نتحرج من إنكار الباطل ورده على قائله
كائنا من كان، مع علمنا بما حوته كتب التاريخ من ضعيف ومكذوب، ومعرفتنا بخصومات أهل المذاهب، واطلاعنا على ما قرره العلماء في جرح الأقران بعضهم لبعض، فإن أبى بعض الناس مع هذا كله، إلا الكذب والافتراء والبهتان، فعند الله تجتمع الخصوم.
[2] -  فليتأمل هذا من افترى علينا تكفير أبي حنيفة، فإننا لا نشغل أنفسنا بتكفير من مضوا ولا فائدة من وراء تكفيرهم، ولو كانوا من أمثال الحجاج الذي كفّره بعض السلف،
فكيف بغيره من المنتسبين للعلم؟ وإنما شُغْلنا الذي شَغَلنا أعمارنا به، هو تكفير الطواغيت وأنصارهم من أعداء الشريعة، والسعي إلى جهادهم، والدعوة إلى ذلك، نسأل الله تعالى أن يستعملنا فيه ويثبتنا ويميتنا عليه.
[3] - بل يستحلونها بمحض التوحيد فيمن كفر بطواغيتهم وسعى إلى هدمها وإزالتها كما بيّنا ذلك وكشفنا معه عوار وسفاهة تشريعاتهم وقوانينهم في رسالتنا "كشف النقاب عن شريعة الغاب" فراجعها.

[4] - هكذا سموها ويقصدون خيانة - الوزراء للحكومة الكافرة وللدستور الكفري وقوانين الدولة الوضعية فتأمل هذا الكفر الصراح، ومع ذلك فإن هؤلاء الرويبضة يعدون التقدم بمثل هذه القوانين لإقرارها كياسة وحكمة وخبرة ومكاسب سياسية تحفظ حقوق الناس من سرقة الوزراء، فسحقا سحقا لمن يهدم أحق حقوق الله على العبيد بمثل هذا السفه، ثم يُرفض مشروعه لأن أزِمّة التشريع في خاتمة المطاف بيد الأكثرية التي يهيمن عليها الطاغوت وملؤه من الوزراء وغيرهم، ثم لا يقر قانون بعدُ إلا بتصديق الطاغوت وإقراره، فتأمل كياسة القوم وحنكتهم في السياسة!! واعلم أننا لما تكلمنا في كفر أمثال هؤلاء نشَرَ عنّا أعداء الله وبعض السفهاء أننا نكفر السلفيين والإخوان أو نِصْفهم أو أكثرهم، بهذا الإطلاق ودون ذكر لسبب، صَدًّا عن الحق وأهله، وسيسألون عن ذلك بين يدي الله، ونحن إنما كفرنا وما زلنا نكفر كل من دخل في مثل هذا الكفر أو تابعه أو ناصره أو آزره سواء كان من السلفيين والإخوان أم من غيرهم، ولا يضيرنا كون هذا الحكم يتناول طائفة ليست بالقليلة من هؤلاء، ومثل هذا لا يرهبنا ولا يخذلنا عن القول بالحق كائنا من كان الْمُكَفَّر، ومهما كان لقبه أو اسمه أو انتماؤه أو طول لحيته أو قصر ثوبه، ما دام الدليل قد تناوله وانتفت بحقه الموانع، فالدليل لا يجامل أحدا، وما طول اللحى وقصر الثياب وتلكم الألقاب من موانع التكفير في شيء.
[5] -  تأمل أدلة المشركين التي يستدلون ويشرعون طبقا لها، ثم يسميهم من هو أضل من سائمة الأنعام بالمسلمين لا بل بالسلفيين ويسمي من كفّرهم بهذا الكفر البواح (خوارج)، (وقد خاب من افترى).

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

حقوق النشر لكل مسلم يريد نشر الخير إتفاقية الإستخدام | Privacy-Policy| سياسة الخصوصية

أبو سامي العبدان حسن التمام